إنكم مرتبطون بتوجيهاتى وإرشادى لكم ، مهما تقدمتم في الحياة معى . فهذا أمر مفروغ منه بلا شك .
ولكن هذه الأوقات (التى تقضونها معى) ليست هى بالأوقات التى تسألوننى فيها أن أرشدكم وأقودكم ، ولكنها أوقات الإدراك الواعى والإحساس بوجودى.. ترى هل يطلب الغصن باستمرار من الكرمة أن تمده بالعصارة، أو أن ترشده في أي اتجاه عليه أن ينمو؟
كلا ، لأن هذا يأتى طبيعياً نتيجة الإتحاد الوثيق بين الغصن والكرمة.. فأنا قد قلت : " أنا هو الكرمة الحقيقية وأنتم الأغصان " .
من الأغصان تتدلى عناقيد العنب المختارة، معطية غذاءً وسعادة للجميع ، ولكن هل يجول بخاطر الأغصان أن عناقيد الثمر هى من تكوينها هى وصنعها؟!
كلا ، لأن عناقيد العنب هى ثمرة الكرمة ، والكرمة هى أصل النبات ، وكل عمل الغصن هو أن يمهد قناة لعصارة الحياة لكى تتدفق إليه من أصل الكرمة..
هكذا يا أولادى ، فإن الاتحاد بى هو حاجتكم الوحيدة العظمى، وكل شئ سواه يأتى بعد ذلك طبيعياً ، والاتحاد معى قد يكون ثمرة الاحساس بحضورى.
لا تجعلوا أنفسكم كثيرى الكلام مع الآخرين ، ولا تسمحوا لأنفسكم أن تفعلوا ذلك قط.
صلوا دائماً ؛ لكى يكون احتياجكم وطلباتكم معلومة وظاهرة.
فإذا فعلتم ذلك ، فإن الإرشاد سوف يأتيكم واضحاً جداً .
إن روحى قد تباعد عن الناس بسبب كثرة كلامهم..
حياتهم كلها كلام ، كلام ، كلام.. وكثيرون قالوا لى يارب يارب ، وهم لم يعملوا الأعمال التى أوصيت بها.
لا تشجعوا كثرة الكلام .. فالأعمال تحيا ويتردد صداها عبر السنين والأجيال ، أما الكلام فيفنى ويزول، كما قال بولس : " إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ، ولكن ليس لى محبة فقد صرت نحاساً أو صنجاً يرن.. وإن كانت لى نبوة ولكن ليس لى محبة ، فلست شيئاً " .
تذكروا أننى نادراً ما أتحدث إلى قلب انسان بكلمات ولكن الإنسان يستطيع أن يرانى من خلال أعمالى التى أعملها بواسطتكهم .. تقابلوا معى في جو الحب وإنكار الذات ، ولا تعتقدوا أنه يجب عليكم أن تتحدثوا أو تتكلموا كثيراً .
عندما كف الإنسان عن الإتصال بإلهه ببساطة وبأسلوب طبيعى ؛ لجأ إلى الكلام .. الكلام، وهكذا نشأت بابل.. حينئذ أراد الله أن يشتت الإنسان على وجه الأرض.
لا تعتمدوا كثيراً على الكلام.. تذكروا دائماً أن النطق هو أحد الحواس ، فاجعلوه خادماً خاضعاً لكم ، لا سيداً متسلطاً عليكم..